5 يونيو 2009
كل عمل يعمله الإنسان، وراءه دافع يدفعه إليه... وتوجد دوافع ثانية سامية، وأخرى رديئة أو منحرفة.فمن الدوافع السامية محبة الإنسان لوطنه التى تدفعه إلى عمل كل شئ من أجله. ولعلنا نذكر كمثال فى هذا المجال الزعيم الراحل سعد زغلول الذى دفعته محبته لمصر أن يعمل على تحريرها من التدخل الأجنبى فيها. ومن أجل ذلك قام بثورة 1919م. وحدث أنه نُفى إلى جزيرة سيشيل هو وأصحابه. ولما رجع من نفيه عمل على اصدار دستور 1923م. واكمل بهذا الدافع النبيل بقية حياته كوزير أو رئيس للحزب.نذكر كذلك قاسم أمين الذى كان هناك دافع يحرّكه وهو الرغبة فى تحرير المرأة. ولقد كرّس حياته لهذا الغرض، وأيضاً فكره وقلمه واقناعه للآخرين. واشتركت معه فى هذا الغرض هدى شعراوى. واستطاعا أن يغيرا صورة المجتمع فى أيامهما.نذكر أيضاً بهذا المجال المهاتما غاندى الزعيم الروحى للهند، الذى كانت تدفعه طول جهاده رغبته فى استقلال الهند وتخليصها من حكم الانجليز. ومن أجل ذلك احتمل السجن، وسار على مبدأ المقاومة السلمية مكافحاً حتى نالت الهند استقلالها. وكان يقوده فى هذا الجهاد دافع آخر هو إيمانه بعدم العنف.وبعد أن نالت الهند استقلالها، كان نبله يدفعه إلى الدفاع عن حقوق المنبوذين Out ? Casts . وصام من أجلهم حتى قيل أن دمه قد بدأ يتحلل، واستمر حتى حصل لهم على الحق فى عضوية البرلمان.وفى غير المجال السياسى، نرى أناس تدفعهم محبة الفضيلة والبر والاعداد لمصيرهم االأبدى. وهذا الدافع يجعلهم يعيشون فى حياه نقية طاهرة. مثال ذلك يوسف الصديق الذى رفض الخطيئة حينما عرضت عليه, واحتمل أن يُسجن من أجل تقواه.هناك دافع آخر يدفع طلاب العلم إلى السهر والتعب, لكى يصلوا إلى النجاح وإلى التفوق. وهكذا كان الأوائل فى النتائج الذين يرهقون انفسهم فى استذكار دروسهم. وبدافع النجاح والتفوق جاهد أيضاً العلماء والمخترعون حتى يقدموا للعالم ثمر علمهم وذكائهم.وهناك دوافع أخرى كثيرة تدفع الأبرار مثل الأمانة، وعفة اليد، وهذا وغيره هو ما يجب أن نعُملّه للنشئ من أطفالنا سواء فى بيوتهم أو مدارسهم أو من قادة المجتمع، حتى ينشأوا على العمل النبيل فى حياتهم.على أن هناك أشخاصاً ليسوا من أصحاب المبادئ أو القيم الروحية تقودهم فى حياتهم دوافع أخرى ليست صالحة، بل قد تكون منحرفة أو سيئة.ومن الدوافع السيئة الإنقياد وراء اللذة, سواء كانت لذة للجسد أو للنفس أو للفكر أو لسائر الحواس وسنحاول أن نستعرض هذة الأنواع.فمن لذة الجسد: لذة الأكل والشرب وأهميتها الكبرى عند الناس وإندفاع البعض إليها إلى درجة اصابتهم ببعض الأمراض. يضاف إلى هذة اللذة إندفاع البعض إلى شرب الخمر والمسكرات, وما يجده البعض من لذة فى التدخين أو وسائل الادمان المتعددة, وكلها تهلكهم ويدفعون مالاً كثمن فى أهلاك نفوسهم. من الملاذ الخطيرة المهلكة ما نعرفه عن ضحايا الجنس sex وممارسته, وما شهده العالم من خطورة مرض الأيدز, بالإضافة إلى غيره من الأمراض التناسلية. وكثيراً ما تؤدى أمثال هذه الممارسات الخاطئة إلى تفكك فى الأسرة نتيجة الشك فى سوء الخُلق.يضاف إلى ملاذ الجسد الخاطئة, ما يتعلق بالحواس كالنظر, والسمع واللمس. وما يقع فيه بعض الشباب من الشهوات الدنسة نتيجة متابعة النظر فى بعض الأفلام الخاطئة! أو ما يرونه فى بعض المجلات من صور معثرة. كذلك ما يسمعونه من قصص أو فكاهات بذيئة، أو لذة الاستماع إلى أسرار الناس وفضائحهم.هناك أخطاء أيضاً من جهة ملاذ النفس. كمن تدفعه لذة التشفي والانتقام. فيفرح الواحد من أمثال هؤلاء بما يصيب عدوه أو منافسه من ضرر متشفياً فيه أو شامتاً. يدفعه إلى ذلك مشاعر من الحقد والكراهية في قلبه. وهذا الحقد قد يدفعه أيضاً إلى التحدث عن منافسيه وأعدائه بما يسئ إلى سمعتهم. ويجد في ذلك متعة!ومن ملاذ النفس أيضاً شهوة الغنى ولذة الجمع والتكويم، والفرح بازدياد الرصيد أياً كان مصدره.ننتقل بعد هذا إلى ملاذ الفكر ونقصد اشباع الفكر بما يضره، تدفعه أحياناً رغبات الجسد التي لم تتحقق عملياً فتسعى إلى اشباعها فكرياً بلون من السرحان. والفكر يشبع ذاته بأحلام اليقظة والخيال، وبتأليف قصص عن نفسه ترضيه، يصور فيها ذاته حسبما يشاء ويهوى. يدفعه إلى كل ذلك فشله في النجاح العملي وفي الوصول إلى أغراضه بطرق سليمة.لأجل هذا كله يجب أن نرتفع فوق مبدأ اللذة. ونجعل الدافع لنا هو النفع الروحي.ومن الدوافع الخاطئة: الانقياد وراء مبدأ المنفعة الشخصية مهما كان في ذلك ضرر بالأخرين أو حتى إذا كانت هذه المنفعة الشخصية تضر بالنفع العام. وتصبح لون من الأنانية البشعة. مثال ذلك جشع التجار ورفعهم للاسعار ويكون من ضحاياهم المشتري المسكين. وفى ذلك يخلطون المنفعة الخاصة بالطمع وبعدم الرحمة بالآخرين. وربما فى هذه المنفعة الخاصة يلجأون إلى وسائل لا يرضاها الضمير مثل الغش، والتزوير، والرشوة... كمن يصعد إلى فوق على جماجم الآخرين.وللأسف كثير من الدول الكبيرة تدفعها المنفعة إلى الإضرار بالدول الأصغر منها غير مبالية بذلك.ومن الدوافع الأساسية الخاطئة فى حياة الغالبية التمركز حول الذات Ego . وحب الذات محبة خاطئة يدفع أحياناً إلى حب العظمة والكرامة والخيلاء، وأن يفضّل الإنسان ذاته عن الكل. أو أن يفعل الخير، لا حباً فى الخير، وإنما لكى ترتفع ذاته فى نظر الآخرين. أو قد يدفعه اعجابه بذاته، أن يمدح ذاته إن لم يجد من يمدحه.هناك دافع آخر قد يدفع الكثيرين فى الطريق، هو مسايرة التيار العام. إذ لا تكون للشخص مبادئ ثابتة يسير عليها، إنما يتبع ما يراه فى البيئة. أو من يتشبع بشعارات سمعها من غيره. وهناك من تدفعهم فى حياتهم عاداتهم لسيطرتها عليهم مهما كانت خاطئة.
الأربعاء، 22 يوليو 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق